[size=24]
اهتم الإسلام ببر الوالدين والإحسان إليهما والعناية بهما، وهو بذلك يسبق النظم المستحدثة في الغرب مثل: ( رعاية الشيخوخة، ورعاية الأمومة والمسنين ) حيث جاء بأوامر صريحة تلزم المؤمن ببر والديه وطاعتهما قال تعالى موصيا عباده: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً [الأحقاف:15]، وقرن برهما بالأمر بعبادته في كثير من الآيات؛ برهان ذلك قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23]، وقوله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [النساء:36]، وجاء ذكر الإحسان إلى الوالدين بعد توحيده عز وجل لبيان قدرهما وعظم حقهما ووجوب برهما. قال القرطبي رحمه الله في قوله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الأنعام:151]، أي: ( برهما وحفظهما وصيانتهما وامتثال أوامرهما ).
أنواع البر:
أنواع بر الوالدين كثيرة بحسب الحال وحسب الحاجة ومنها:
1 - فعل الخير وإتمام الصلة وحسن الصحبة، وهو في حق الوالدين من أوجب الواجبات. وقد جاء الإحسان في الآيات السابقة بصيغة التنكير مما يدل على أنه عام يشمل الإحسان في القول والعمل والأخذ والعطاء والأمر والنهي، وهو عام مطلق يدخل تحته ما يرضي الإبن وما لا يرضيه إلا أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
2 - لا ينبغي للإبن أن يتضجر منهما ولو بكلمة أف بل يجب الخضوع لأمرهما، وخفض الجناح لهما، ومعاملتها باللطف والتوقير وعدم الترفع عليهما.
3 - عدم رفع الصوت عليهما أو مقاطعتهما في الكلام، وعدم مجادلتهما والكذب عليهما، وعدم إزعاجهما إذا كانا نائمين، وإشعارهما بالذل لهما، وتقديمهما في الكلام والمشي إحتراماً لهما وإجلالاً لقدرهما.
4 - شكرهما الذي جاء مقروناً بشكر الله والدعاء لهما لقوله تعالى: وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:24]. وأن يؤثرهما على رضا نفسه وزوجته وأولاده.
5 - اختصاص الأم بمزيد من البر لحاجتها وضعفها وسهرها وتعبها في الحمل والولادة والرضاعة. والبر يكون بمعنى حسن الصحبة والعشرة وبمعنى الطاعة والصلة لقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14]، ولحديث: { إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات } [متفق عليه] الحديث.
6 - الإحسان إليهما وتقديم أمرهما وطلبهما، ومجاهدة النفس برضاهما حتى وإن كانا غير مسلمين لقوله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15].
7 - رعايتهما وخاصة عند الكبر وملاطفتهما وإدخال السرور عليهما وحفظهما من كل سوء. وأن يقدم لهما كل ما يرغبان فيه ويحتاجان إليه.
8 - الإنفاق عليهما عند الحاجة، قال تعالى: قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ [البقرة:215]، وتعتبر الخالة بمنزلة الأم لحديث: { الخالة بمنزلة الأم } [رواه الترمذي وقال حديث صحيح].
9 - استئذانهما قبل السفر وأخذ موافقتهما إلا في حج فرض قال القرطبي رحمه الله: ( من الإحسان إليهما والبر بهما إذا لم يتعين الجهاد ألا يجاهد إلا بإذنهما).
10 - الدعاء لهما بعد موتهما وبر صديقهما وإنفاذ وصيتهما.
فضل بر الوالدين:
دلت نصوص شرعية على فضل بر الوالدين وكونه مفتاح الخير منها:
1 - أنه سبب لدخول الجنة: فعن أبي هريرة عن النبي قال: { رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه }، قيل: من يا رسول الله؟ قال: { من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة } [رواه مسلم والترمذي].
2 - كونه من أحب الأعمال إلى الله: عن أبي عبدالرحن عبدالله بن مسعود قال: سألت النبي أي العمل أحب إلى الله؟ قال: { الصلاة على وقتها }. قلت: ثم أي؟ قال: { بر الوالدين }. قلت: ثم أي؟ قال: { الجهاد في سبيل الله } [متفق عليه].
3 - إن بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله عز وجل: عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ( أقبل رجل إلى النبي فقال أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله تعالى، فقال : { هل من والديك أحد حي؟ } قال: نعم بل كلاهما. قال: { فتبتغي الأجر من الله تعالى؟ } قال: نعم. قال: { فارجع فأحسن صحبتهما } ) [متفق عليه] وهذا لفظ مسلم وفي رواية لهما: { جاء رجل فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد }.
4 - رضا الرب في رضا الوالدين: عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي قال: { رضا الرب في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين } [رواه الترمذي وصححه إبن حبان والحاكم].
5 - في البر منجاة من مصائب الدنيا بل هو سبب تفريج الكروب وذهاب الهم والحزن كما ورد في شأن نجاة أصحاب الغار، وكان أحدهم باراً بوالديه يقدمهما على زوجته وأولاده.
التحذير من العقوق:
وعكس البر العقوق، ونتيجته وخيمة لحديث أبي محمد جبير بن مطعم أن رسول الله قال: { لا يدخل الجنة قاطع }. قال سفيان في روايته: ( يعني قاطع رحم ) [رواه البخاري ومسلم] والعقوق: هو العق والقطع، وهو من الكبائر بل كما وصفه الرسول من أكبر الكبائر وفي الحديث المتفق عليه: { ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين. وكان متكئاً وجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يرددها حتى قلنا ليته سكت }. والعق لغة: هو المخالفة، وضابطه عند العلماء أن يفعل مع والديه ما يتأذيان منه تأذياً ليس بالهيّن عُرفاً. وفي المحلى لابن حزم وشرح مسلم للنووي: ( اتفق أهل العلم على أن بر الوالدين فرض، وعلى أن عقوقهما من الكبائر، وذلك بالإجماع ) وعن أبي بكرة عن النبي قال: { كل الذنوب يؤخر الله تعالى ما شاء منها إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين، فإن الله يعجله لصاحبه في الحياة قبل الموت } رواه الطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك وصححاه].
البر بعد الموت:
وبر الوالدين لا يقتصر على فترة حياتهما بل يمتد إلى ما بعد مماتهما ويتسع ليشمل ذوي الأرحام وأصدقاء الوالدين؛ { جاء رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله. هل بقي من بر أبواي شيء أبرهما بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما } [رواه أبو داود والبيهقي].
ويمكن الحصول على البر بعد الموت بالدعاء لهما. قال الإمام أحمد: ( من دعا لهما في التحيات في الصلوات الخمس فقد برهما. ومن الأفضل: أن يتصدق الصدقة ويحتسب نصف أجرها لوالديه ).
أحكام شرعية خاصة بالوالدين:
لا حد على الوالدين في قصاص أو قطع أو قذف. وللأب أن يأخذ من مال ولده إذا احتاج بشرط أن لا يجحف به، ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته. ولا يأخذ من مال ولده فيعطيه الولد الآخر [المغني:6/522]، وإذا تعارض حق الأب وحق الأم فحق الأم مقدم لحديث: { أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك } [رواه الشيخان]، والمرأة إذا تزوجت فحق زوجها مقدم على حق والديها.
وقال في المقنع: ( وليس للإبن مطالبة أبيه بدين، ولا قيمة متلف، ولا أرش جناية ) قلت: وعلى الوالدين أن لا ينسيا دورهما في إعانة الولد على برهما، وذلك بالرفق به، والإحسان إليه، والتسوية بين الأولاد في المعاملة والعطاء. والله أعلم.
نصل الى الثواب
ثـــواب بر الـوالــدين
بســـــــم الله الرحمن الرحيم
وعن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بينما ثلاثة رهط يتماشون فأخذهم المطر، فأووا إلى غار في جبل، فبينما هم كذلك إذا انحطت عليهم صخرة، فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعضه: أنظروا إلى افضل أعمال عملتموها، فاسألوه بها لعله يفرج عنكم.
فقال أحدهم: اللهم أنه كان لي والدان كبيران، وكانت لي امرأة وأولاد صغار، وكنت أرعى عليهم فإذا أرحت غنمي بدأت بأبوي فسقيتهما فلم آت حتى نام أبوي، فطيبت الإناء ثم حلبت، ثم قمت بحلابي عند رأس أبوي، والصبية يتضاغون - يبكون - عند رجلي أكره أن أبدأ بهم قبل أبوي، وكره أن أوقظهما من نومهما، فلم أزل كذلك قائماً حتى أضاء الفجر.
اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرج الله لهم فرجة فرأوا منها السماء، وذكر باقي الحديث.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نمت فرأيتني في الجنة، فسمعت قارئاً يقرأ، فقلت: من هذا؟ قالوا: حارثة بن النعمان). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كذلك البر، فكان أبر الناس بأمه).
وعن مكحول، قال: قدم وفد الأشعرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:
(افيكم وجرة؟ قالوا: نعم. قال: فإن الله تعالى أدخلها الجنة ببر والدتها وهي مشركة - يعني الأم - أغير على حيها، فاحتملت أمها تشتد بها في الرمضاء، فإذا احترقت قدماها جلست وأجلست أمها في حجرها، وأظلتها من الشمس، فإذا استراحت حملتها).
وعن عبد الرحمن بن سمرة، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ونحن في مسجد المدينة، فقال: (رأيت رجلاً من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه، فجاءه بره بوالديه فرده عنه).
وعن أبي الدرداء، قال: قال عمر رضي الله عنهما: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبل، فأشرفنا على واد، فرأيت شاباً أعجبني شبابه، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي شاب لو كان شبابه في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (يا عمر فلعله في سبيل الله وأنت لا تشعر) ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (يا شاب، هل لك من تعول؟ قال: نعم. قال: من؟ قال: أمي. فقال: إلزمها فإن عند رجليها الجنة).
وعن مورق العجلي، قال: قال صلى الله عليه وسلم: (هل تعلمون نفقة أفضل من نفقة في سبيل الله تعالى)؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: (نفقة الولد على الوالدين أفضل).
من كان يبالغ في بر الوالدين
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبر من كانا في هذه الأمة بأمهما: عثمان بن عفان، وحارثة بن النعمان رضي الله عنهما.
فأما عثمان فإنه قال: ما قدرت أن أتأمل أمي منذ أسلمت.
وأما حارثة فأنه كان يفلي رأس أمه ويطعمها بيده، ولم يستفهمها كلاماً قط تأمر به حتى يسأل من عندها بعد أن يخرج: ما أرادت أمي؟.
وعن أبي هريرة أنه كان إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أمه، فقال: (السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك السلام يا ولدي ورحمة الله وبركاته. فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيراً. فتقول: رحمك الله كما بررتني كبيراً).
وإذا أراد أن يدخل صنع مثل ذلك.
وعن أبي أمامة أن أبا هريرة رضي الله عنه كانيلي حمل أمه إلى المرفق وينزلها عنه، وكانت مكفوفة.
وعن ابن سيرين، قال: (بلغت النخلة ألف درهم، فنقرت نخلة من جمارها. فقيل لي: عقرت نخلة تبلغ كذا، وجماره بدرهمين؟ قلت: (قد سألتني أمي، ولو سألتني أكثر من ذلك لفعلت).
وعن سفيان الثوري، قال: (كان ابن الحنفية يغسل رأس أمه بالخطمى ويمشطها ويخضبها).
وعن الزهري، قال: كان الحسن بن علي لا يأكل مع أمه، وكان أبر الناس بها، فقيل له في ذلك، فقال: (أخاف أن آكل معها، فتسبق عينها إلى شيء من الطعام وأنا لا أدري، فآكله، فأكون قد عققتها).
وفي رواية: (أخاف أن تسبق يدي يدها).
وعن إسماعيل بن عون، قال: دخل رجل على ابن سيرين وعنده أمه، فقال: ما شأن محمد يشتكي؟ قالوا: لا، ولكنه هكذا يكون إذا كان عند أمه.
وعن هشام، قال: كانت حفصة تترحم على هذيل، وتقول: كان يعمد إلى القصب فيقشره ويجففه في الصيف، لئلا يكون له دخان، فإذا كان الشتاء جاء حتى قعد خلفي وأنا أصلي، فيوقد وقوداً رفيقاً ينالني حره ولا يؤذيني دخانه، وكنت أقول له: يا بني، الليلة اذهب إلى أهلك، فيقول: يا أماه أنا أعلم ما يريدون، فأدعه فربما كان ذلك حتى يصبح.
وكان يبعث إلي بحلبة الغداة، فأقول، يا بني تعلم أني لا أشرب نهاراً فيقول: أطيب اللبن ما بات في الضرع، فلا أحب أن أؤثر عليك، فابعثي به إلى من أحببت.
فمات هذيل، فوجدت عليه وجداً شديداً، وكنت أجد مع ذلك حرارة في صدري لا تكاد تسكن. قالت: فقمت ليلة أصلي، فاستفتحت النحل، فأتيت إلى قوله تعالى: (ما عِندَكُم يَنفَدُ وَما عِندَ اللَهِ باقٍ وَلنَجزِيَنَّ الَّذينَ صَبَروا أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلُون).
فذهب عن ما كنت أجد.
وعن أنس بن النضر الأشجعي: استقت أم ابن مسعود ماء في بعض الليالي، فذهب فجاءها بشربة، فوجدها قد ذهب بها النوم، فثبت بالشربة عند رأسها حتى أصبح.
وعن ظبيان بن علي الثوري - وكان من أبر الناس بأمه - قال: (لقد نامت لليلة وفي صدرها عليه شيء، فقام على رجليه يكره أن يوقظها، ويكره، أن يقعد، حتى إذا ضعف جاء غلامان من غلمانه، فما زال معتمداً عليهما حتى استيقظت).
وكان يسافر بها إلى مكة، فإذا كان يوم حار حفر بئراً، ثم جاء بنطع فصب فيه الماء، ثم يقول لها: (أدخلي تبردي في هذا الماء).
وعن محمد بن عمر، قال: كان محمد بن عبد الرحمن بن أبي الزناد باراً بأمه، وكان أبوه، يقول: يا محمد. فلا يجيبه حتى يشب فيقوم على رأسه فيلبيه، فيأمره بحاجته، فلا يستفهمه هيبة له حتى يسأل من فهم ذلك عنه.
وعن عون بن عبد الله، أنه نادته أمه فأجابها، فعلا صوته، فأعتق رقبتين.
وعن بكر بن عباس، قال: ربما كنت مع منصور في مجلسه جالساً فتصيح به أمه، وكان فظة غليظة، فتقول: يا منصور، يريدك ابن هبيرة على القضاء فتأبى؟ وهو واضع لحيته على صدره، ما يرفع طرفه إليها.
وقال سيفان بن عيينة: قدم رجل من سفر، فصادف أمه قائمة تصلي، فكره أن يقعد وأمه قائمة، فعلمت ما أراد، فطولت ليؤجر.
وبلغنا عن عمر بن ذر أنه لما مات ابنه قيل له: كيف كان بره بك؟ قال: ما مشي معي نهاراً إلا كان خلفي، ولا ليلاً إلا كان أمامي، ولا رقد على سطح أنا تحته.
وعن المعلي بن أوب، قال: سمعت المأمون يقول: لم أر أبر من الفضل بن يحيى البرمكي بأبيه، بلغ من بره بأبيه أن يحيى كان لا يتوضأ إلا بالماء الحار، وكانا في السجن معاً، فمنعهما السجان من إدخال الحطب في ليلة باردة، فقام الفضل حين أخذ يحيى مضجعه إلى قمقم كان بالسجن، فملأه بالماء وأدناه من المصباح، فلم يزل قائماً وهو في يده حتى أصبح.
وحكى غير المأمون أن السجان فطن لارتفاقه بالمصباح في تسخين الماء، فمنعهم من الاستصباح في الليلة القابلة، فعمد الفضل إلى القمقم مملوءاً، فأخذه معه في فراشه وألصقه بأحشائه حتى أصبح وقد فتر الماء.
وعن كعب الأحبار، قال: اجتمع ثلاثة من بني إسرائيل، فقالوا: تعالوا يذكر كل منا أعظم ذنب عمله.
فقال أحدهم: (أما أنا فلا أذكر من ذنب أعظم من أني كنت إذا أصاب أحدنا بول من ثوبه قطعه، فأصابني بول فقطعته ولم أبالغ في قطعه، فهذا أعظم ذنب عملته).
وقال الآخر: (كنت مع صاحبي لي فعرضت لنا شجرة، فخرجت عليه ففزغ مني، فقال: الله بيني وبينك).
وقال الثالث: كانت لي والدة فدعتني من قبل شمال الريح، فأجبتها فلم تسمع، فجاءتني مغضبة فجعلت ترميني بالحجارة، فأخذت عصا وجئت لأقعد بين يديها لتضربني بها، ففزعت مني فأصابت وجهها شجرة فشجتها، فهذا أعظم ذنب عملته).
وهنا عرض فلاشي لبر الوالدين وتحديدا الأم
ادخلو الرابط:::[size]
http://www.gafelh.com/modules/Cards/images/upimg/Ommi-Flash.swf